نظرية الكم والذرة
نموذج بور للذرة :
فسر نموذج الطبيعة الموجية - الجسيمية للضوء العديد من الظواهر المتخصصة، ولكن بقي العلماء غير قادرين على فهم العلاقات بين البناء الذري، والإلكترونات، وطيف الانبعاث الذري. تذكر مما سبق أن طيف الانبعاث الذري للهيدروجين منفصل؛ أي يتكون من ترددات محددة من الضوء. لماذا يكون طيف الانبعاث الذري للعناصر منفصلا ً وليس متصلا ؟طاقة ذرة الهيدروجين
استفاد العالم نيلز بور من أفكار العالمين بلانك وأينشتاين، واقترح أن لذرة الهيدروجين مستويات طاقة معينة يسمح للإلكترونات أن توجد فيها. وتسمى الحالة التيٍ تكون إلكترونات الذرة فيها أدنى طاقة حالة الاستقرار أما عندما تكتسب إلكترونات الذرة الطاقة فتصبح في حالة إثارة.ً كما ربط بور أيضا بين مستويات الطاقة لذرة الهيدروجين والإلكترون داخلها. واقترح أن الإلكترون في ذرة الهيدروجين يتحرك حول النواة في مدارات دائرية مسموح بها فقط. وكلما صغر مدار الإلكترون قلت طاقته أو قل مستوى الطاقة. وعلى العكس من ذلك، كلما كبر مدار الإلكترون زادت طاقة الذرة أو زاد مستوى الطاقة. وبناء على ذلك، فإن لذرة الهيدروجين حالات إثارة كثيرة، رغم أنها تحتوي على إلكترون واحد.
خصص بور لكل مدار عدد ً ا صحيحا ) ،(nأطلق عليه اسم العدد الكمي من أجل استكمال حساباته. كما قام بحساب أنصاف أقطار المدارات. وكان نصف قطر المدار الأول n=1ً مساويا ، 0.0529 nmونصف قطر المدار الثاني n=2ً مساويا ،0.212 .
طيف الهيدروجين الخطي
اقترح بور أن ذرة الهيدروجين تكون في الحالة المستقرة - وتسمى أيضا مستوى الطاقة الأول - عندما يكون الإلكترون الوحيد في مستوى الطاقة .n=1ولا تشع الذرة الطاقة عند هذه الحالة. وعندما تضاف طاقة من مصدر خارجي إلى الذرة ينتقل الإلكترون إلى مستوى طاقة أعلى مثل مستوى الطاقة n=2 ومثل هذا الانتقال للإلكترون يجعل الذرة في حالة الإثارة. وعندما تكون الذرة في حالة الإثارة )وضع غير مستقر للذرة( يمكن أن ينتقل الإلكترون من مستوى الطاقة الأعلى إلى مستوى الطاقةً الأقل. ونتيجة لهذا الانتقال، ترسل الذرة فوتونا له طاقة تساوي الفرق بين طاقة المستويين.
فرق الطاقة = طاقة المستوى الأعلى - طاقة المستوى الأدنى = طاقة الفوتون = h
يمكنك مقارنة مستويات الطاقة لذرة الهيدروجين بدرجات السلم. حيث يمكن للشخص أن يصعد أو يهبط من درجة إلى أخرى وكذلك حال إلكترون ذرة الهيدروجين؛ حيث يمكنه الانتقال فقط من مستوى مسموح به إلى آخر. ولذا يمكن أن تنبعث أو تمتص كميات معينة من الطاقة تساوي فرق الطاقة بين المستويين.
يوضح الشكل أن مستويات الطاقة في ذرة الهيدروجين لا يبعد بعضها عن بعض مسافات متساوية، وذلك بخلاف درجات السلم. كما يوضح هذا الشكل أيضا تنقلات الإلكترون الأربعة التي تنتج الخطوط المرئية في طيف الانبعاث الذري لذرة الهيدروجين، وينتج انتقال الإلكترون من مستويات الطاقة العليا إلى المستوى الثاني n=2خطوط الهيدروجين المرئية كلها، والتي تشكل سلسلة بالمر. وكما قيست طاقة انتقال الإلكترون في المنطقة غير المرئية، مثل سلسلة ليمان )فوق البنفسجية( التي ينتقل فيها الإلكترون إلى المستو ،n=1وكذلك سلسلة باشن )تحت الحمراء،( التي تنتج عن انتقال الإلكترون إلى المستوى .n =3
حدود نموذج بور
فسر نموذج بور الطيف المرئي للهيدروجين الا أنه لم يستطع تفسير طيف أي عنصر آخر، كما أنه لم يفسر السلوك الكيميائي للذرات. وعلى الرغم من أن فكرة بور عن ذرة الهيدروجين وضعت الأساس للنماذج الذرية اللاحقة، إلا أن التجارب اللاحقة أوضحت خطأ نموذج بور بشكل أساسي؛ إذ لم تفهم حركة الإلكترونات في الذرات بصورة تامة حتى الآن، وهناك أدلة تؤكد أن الإلكترونات لا تتحرك حول النواة في مدارات دائرية .النموذج الميكانيكي الكمي للذرة
اقتنع العلماء في منتصف القرن العشرين أن نموذج بور للذرة غير صحيح، فوضعوا تصورات جديدة ومبتكرة تبين كيف تتوزع الإلكترونات في الذرات. ففي عام 1924م اقترح أحد طلاب الدراسات العليا في الفيزياء - اسمه لوي دي برولي 1987- 1982) De Brooglieم-( فكرة أدت إلى تفسير مستويات الطاقة الثابتة في نموذج بور.الإلكترونات موجات : اعتقد دي برولي أن للجسيمات المتحركة خواص الموجات. وقد عرف دي برولي أنه إذا كان للإلكترون حركة الموجة وكان مقيدا بمدارات دائرية أنصاف أقطارها ثابتة، فإنه يستطيع إشعاع موجات ذات أطوال موجية وترددات وطاقات معينة فقط.
أوضح هايزنبرج أنه من المستحيل أن تأخذ أي قياسات لجسم ما دون التأثير فيه. فعلى سبيل المثال، تصور محاولة إيجاد موقع بالون متنقل مليء بغاز الهيليوم في غرفة مظلمة، فإذا حركت يدك تستطيع أن تحدد موقع البالون عندما تلمسه، إلا أنك عندما تلمس البالون تنقل إليه طاقة وتغير مكانه. وتستطيع أيضا أن تحدد مكان البالون بإضاءة مصباح يدوي. وباستخدام هذه الطريقة تنعكس فوتونات الضوء من البالون وتصل إلى عينيك محددة مكان البالون.
ًّ ولأن البالون جسم كبير نسبيا، لذا يكون تأثير الفوتونات المنعكس عنه على موقعه صغيرا جدا وغير ملاحظ. ولكن تصور محاولة تحديد مكان الإلكترون باصطدامه مع فوتون عالي الطاقة. ولأن للفوتون طاقة مماثلة لطاقة الإلكترون نفسه، لذا فإن التصادم بين الجسمين يغير كلا من الطول الموجي للفوتون وموقع الإلكترون وسرعته المتجهة، أي أنه يحدث تغير لا يمكن تجاهله في مكان الإلكترون وحركته.
لقد أدى تحليل هايزنبرج لمثل تلك التصادمات بين الفوتونات والإلكترونات إلى استنتاجه التاريخي، وهو "مبدأ هايزنبرج للشك" الذي ينص على أنه من المستحيل معرفة سرعة جسيم ومكانه في الوقت نفسه بدقة .
وعلى الرغم من أن العلماء قد وجدوا مبدأ هايزنبرج في تلك الحقبة صعب القبول إلا أنه أثبت أنه يصف المحددات الأساسية لما يمكن ملاحظته؛ فتأثير تصادم الفوتون بالجسم الكبير - مثل البالون المليء بالهيليوم - قليل، بحيث إن الشك في موقعه أصغر من أن يقاس. ولكن هذه الحالة لا تشبه إلكترونا يتحرك بسرعة 6 ×106 m/s قرب النواة. فعدم التحديد أو الشك في مكان الإلكترون هو على الأقل ،10-9m وهذا أكبر 10ً مرات تقريبا من قطر الذرة .
ويعني مبدأ هايزنبرج للشك أيضا أنه من المستحيل تحديد مسارات ثابتة للإلكترونات مثل المدارات الدائرية في نموذج بور، وأن الكمية الوحيدة التي يمكن معرفتها هي المكان الذي يحتمل أن يوجد فيه إلكترون حول النواة
معادلة شرودنجر :
في عام 1926م تابع الفيزيائي النمساوي إيروين شرودنجر 1961 - 1887) Schrodingerم( نظرية الموجة – الجسيم التي اقترحهادي برولي، واشتق شرودنجر معادلة على اعتبار أن إلكترون ذرة الهيدروجين موجة. وظهر أن نموذج شرودنجر لذرة الهيدروجين ينطبق جيدا على ذرات العناصر الأخرى، وهو ما فشل نموذج بور في تحقيقه. ويسمى النموذج الذري الذي يعامل الإلكترونات على أنها موجات بالنموذج الموجي الميكانيكي للذرة أو النموذج الميكانيكي الكمي للذرة. وكما هو الحال في نموذج بور، يحدد النموذج الميكانيكي الكمي طاقة الإلكترون بقيم معينة، إلا أنه - بخلاف نموذج بور - لا يحاول وصف مسار الإلكترون حول النواة.موقع الالكترون المحتمل :
أعتبر كل حل لمعادلة شرودنجر يمثل دالة موجية، ترتبط مع احتمال وجود الإلكترون ضمن حجم معين من الفراغ حول النواة. تذكر من خلال دراستك للرياضيات أن حادثة ما ذات احتمال عال تكون أكثر قابلية للحدوث من الحادثة ذات الاحتمال المنخفض.تتنبأ دالة الموجة بمنطقة ثلاثية الأبعاد للإلكترون حول النواة تسمى المستوى، وهو يصف الموقع المحتمل لوجود إلكترون. يشبه المستوى الفرعي سحابة تتناسب كثافتها عند نقطة معينة مع احتمال وجود الإلكترون عند تلك النقطة. ويوضح الشكل 1-14aخريطة الكثافة الإلكترونية )السحابة الإلكترونية( التي تصف الإلكترون في مستوى الطاقة الأدنى، كما أنها تعد صورة لحظية لحركة الإلكترون حول النواة، حيث تمثل كل نقطة فيها موقع الإلكترون عند لحظة معينة من الوقت. وتمثل الكثافة العالية للنقاط قرب النواة احتمالا كبيرا لوجود الإلكترون في هذا الموقع. إلا أنه - بسبب عدم وجود حدود ثابتة للسحابة - من الممكن أيضا أن يوجد الإلكترون على مسافة أبعد من النواة .
مستويات ذرة الهيدروجين
لأن حدود المستوى غير واضحة فليس للمستوى حجم ثابت ودقيق. وللتغلب على عدم التحديد المؤكد في موقع الإلكترون يرسم الكيميائيون سطحا للمستوى يحتوي على %90 من الاحتمال الكلي لوجود الإلكترون. وهذا يعني أن احتمال وجود الإلكترون ضمن هذه الحدود هو ،0.9واحتمال وجوده خارجها هو .0.1وبعبارة أخرى فإن احتمال وجود الإلكترون قريبا من النواة وضمن الحجم المعرف بالحدود أكثر من احتمال وجوده خارج ذلك الحجم. والدائرة في الشكل 1-14bتمثل % 90من مستوى الهيدروجين الأقل طاقة.عدد الكم الرئيس : تذكر أن نموذج بور قد عين أعداد الكم لمدارات الإلكترون. وعين النموذج الكمي بصورة مشابهة أربعة أعداد كم للمستويات الذرية. يعد العدد الأول هو عدد الكم الرئيس ) ،(nالذي يشير إلى الحجم النسبي وطاقة المستويات؛ إذ كلما ازدادت قيمة nً زاد حجم المستو،ى لذا يقضي الإلكترون وقت ً ا أكبر بعيدا عن النواة، وتزداد طاقة الذرة.
لذا تحدد nُ مستويات الطاقة الرئيسة للذرة، ويسمى كل منها بمستوى الطاقة الرئيس. وقد أعطي مستوى الطاقة الأدنى للذرة عدد كم رئيسي يساوي ) .(1وعندما يحتل إلكترون ذرة الهيدروجين الوحيد المستوى n=1تكون الذرة في الحالة المستقرة. وقد تم تحديد 7مستوياتُ طاقة لذرة الهيدروجين، عطيت أعدادا ) (nتتراوح بين 1و .7
مستويات الطاقة الثانوية : تحتوي مستويات الطاقة الرئيسة على مستويات ثانوية. ويتألف مستوى الطاقة الرئيس 1من مستوى ثانوي واحد، ومستوى الطاقة الرئيس 2من مستويين ثانويين للطاقة، ومستوى الطاقة الرئيس 3من ثلاثة مستويات ثانوية، وهكذا. ولمعرفة العلاقة بين مستويات الطاقة الرئيسة والمستويات الثانوية بطريقة أفضل، انظر إلى الشكل .1-15فكلما ارتفعت إلى أعلى تحتوي الصفوف على مقاعد أكثر. وكذلك يتزايد عدد المستويات الثانوية للطاقة في مستوى الطاقة الرئيس عندما تزداد قيمة .